مسك الدفاتر التجارية:

الدفاتر التجارية عبارة عن سجلات يقيد فيها التاجر عملياته التجارية (إيراداته، مصروفاته، حقوقه والتزاماته)

ومن خلالها يتضح مركزه المالي وظروف تجارته، فهي وثيقة محاسبيه لا يمكن للتاجر الاستغناء عليها عند إعداده حصيلة نهاية السنة (12).[1]

وقد تناول المشرع الدفاتر التجارية في المواد من 9 إلى 18 ق.ت.ج ونعرض لها في النقاط الموالية:

أهمية الدفاتر التجارية:

بالإضافة إلى أن الدفاتر التجارية تمثل التزاما أساسيا من التزامات التاجر، فلهذه الأخيرة أهمية كبيرة نجملها في مجموعة من النقاط  كما يلي (13):[2]

  1. تمثل الدفاتر التجارية وسيلة تعكس الوضعية الحقيقية لسير أعمال التاجر، وتبين لنا مركزه المالي وما عليه من ديون متعلقة بتجارته.

  2. إن الدفاتر التجارية المنظمة أداة إثبات في المنازعات التي تحصل بين التجار أنفسهم ومع المتعاملين معهم وهي بمثابة قرينة أو دليل يحتج به.

  3. تفيد الدفاتر التجارية في تحديد الضرائب المستحقة على التاجر متى كانت منظمة دون إجحاف به بدلا من أن تفرض عليه الضريبة على أساس التقدير الجزافي الذي لا يكون في صالح التاجر.

  4. يمكن أن يستفيد التاجر من دفاتره المنتظمة في إثبات حسن نيته عند عجزه عن دفع ديونه بحيث إذا أفلس التاجر إفلاسا بسيطا يمكنه الاستفادة من الصلح الواقي للإفلاس.

  5. كما يمكنه أن يستعين بهذه الدفاتر للدفاع عن نفسه حتى لا يقع في حالة إفلاس بالتدليس أو التقصير التي فرض عليها المشرع عقوبة جنائية.

الأشخاص الملزمون بمسك الدفاتر التجارية:

تقضي أحكام المادة 9 من ق.ت.ج بأن: '' كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة التاجر ملزم بمسك دفتر لليومية يقيد يوما بيوم عمليات المقاولة أو أن يراجع على الأقل نتائج هذه العمليات شهريا، بشرط أن يحتفظ في هذه الحالة بكافة الوثائق التي يمكن معها مراجعة تلك العمليات يوميا''.

ويفهم من المادة أن هذا الالتزام واجب على كل شخص دون تمييز بين الراشد والمرشد، ولا يشترط أيضا أن يكون التاجر ملما بالقراءة والكتابة أو أن تكون البيانات الواردة فيه بخط يده أم أن الأمر على خلاف ذلك (14).[3]

أنواع الدفاتر التجارية:

من خلال نص المواد 9ـ10ـ11 ق.ت.ج نستنتج أن التاجر ملزم بمسك دفترين على الأقل هما دفتر اليومية ودفتر الجرد،بالإضافة إلى دفاتر اختيارية لم يلزمه القانون بمسكها.

أولا/ الدفاتر الإلزامية:

  1. دفتر اليومية: هو من أهم الدفاتر التجارية يسجل فيه التاجر كل عملياته اليومية من بيع، شراء، اقتراض، استلام بضائع أو أموال دين....الخ، فهي متعلقة بذمته المالية سواء من حيث الحقوق أو الالتزامات المالية، ويتم هذا التسجيل كما جاء في المادة التاسعة يوما بيوم وبالتفصيل (15)[1].

  2. دفتر الجرد: تنص المادة 10 ق.ت.ج على أنه: '' يجب عليه أيضا أن يجري سنويا جردا لعناصر أصول وخصوم مقاولته، وأن يقفل كافة حساباته بقصد إعداد الميزانية وحساب النتائج. وتنسخ بعد ذلك هذه الميزانية وحساب النتائج في دفتر الجرد''.

فدفتر الجرد يمكن التاجر من معرفة قيمة وعدد البضائع الموجودة في محله أو مخازنه، الأمر الذي يمكنه من معرفة وضعيته التجارية للسنة، وتحديد ميزانية السنة المقبلة. ولدفتر الجرد دور في معرفة المركز المالي للتاجر، كما يمكن الدائنين في حالة إفلاس من معرفة مالهم من حقوق وما عليهم من التزامات.

ثانيا/الدفاتر الاختيارية:

تتمثل الدفاتر الاختيارية في عدة دفاتر نورد أهمها فيما يلي (16):[1]

1-دفتر الأستاذ: تنقل إليه القيود الواردة في دفتر اليومية وترتب حسب نوعها أو حسب أسماء العملاء، فلكل عميل أو لكل نوع منها حساب وهو يتألف من ثلاث مجموعات رئيسية من الحسابات:

  • حسابات شخصية تضم أسماء الأشخاص المتعامل معهم.

  • حسابات عامة تتألف من أصول وعناصر المحل التجاري لحساب رأس المال، البضاعة، الآلات...إلخ.

  • حسابات اسميه تمثل نفقات أو إيرادات أو أرباح أو خسائر.

2-دفتر المسودة: تدون فيه العمليات التجارية بمجرد وقوعها بسرعة وبصورة مذكرات ثم تنقل إلى دفتر اليومية بعناية وانتظام.

3-دفتر المخزن: تدون فيه البضائع التي تدخل وتخرج من المخزن.

4-دفتر الأوراق التجارية: تسجل فيه تواريخ استحقاق الأوراق التجارية الواجب تحصيلها من الغير وتلك التي يتعين الوفاء بقيمتها للغير.

5-دفتر الصندوق أو الخزانة: تدون فيه كل المبالغ المالية التي تدخل وتخرج من الصندوق، فهي تبين رصيد التاجر آخر كل يوم.

تنظيم الدفاتر التجارية:

يخضع تنظيم الدفاتر التجارية الإجبارية لأحكام خاصة نص عليها في المادة 11 من ق.ت.ج نظرا لما لها من أهمية كوسيلة إثبات، وذلك بتقييد كيفية تدوين المعلومات الواردة فيها من أجل توحيد كيفية تنظيمها لدى التجار، ويمكن أن نستخلص من نص المادة أعلاه ما يلي (17):[3]

1-تسجل المعلومات الخاصة بالعمليات التي يجريها التاجر بحسب تواريخها.

2-خلو الدفاتر التجارية الإلزامية من أي فراغ أو بياض أو محو أو شطب لما كتب أو حشو أو نقل على الهامش، وذلك

مراعاة للدقة والوضوح في تدوين المعلومات.

3-وجوب ترقيم هذه الدفاتر والمصادقة عليها من طرف المحكمة المختصة قبل استعمالها بهدف منع التاجر من إزالة بعض صفحاتها أو تبديل الدفتر برمته.

  • مدة الاحتفاظ بالدفاتر التجارية: جاء في مضمون المادة 12 من ق.ت.ج على أن التاجر ملزم بالاحتفاظ بالدفاتر التجارية والمستندات المشار إليها في المواد 9 و10 لمدة عشر سنوات تبدأ من تاريخ آخر قيد فيها، كما أوجب عليه حفظ وترتيب المراسلات الموجهة طيلة نفس المدة،وللتاجر الحق في إتلافها بعد انقضاء المدة ولا يلتزم بتقديم دفاتره أمام القضاء بعدها.

تقديم الدفاتر التجارية إلى القضاء:

كقاعدة عامة لا يجوز للشخص تقديم دليل ضد نفسه، ومع ذلك فالقانون يجيز للمحكمة إلزام التاجر بتقديم دفاتره، وإذا طلب أحد الخصوم إلزام خصمه التاجر بتقديم دفاتره التجارية فإن للقاضي الحرية في قبول الطلب أو رفضه على ضوء تقدير ظروف الدعوى، وقد يرى القاضي ضرورة الاطلاع على دفاتر التاجر دون أن يطلب منه ذلك وعندئذ يلزمه بتقديمها للإطلاع عليها إما جزئيا أو كلي ا(18):[1]

1ـ الاطلاع الجزئي: يقصد به تقديم الدفاتر للمحكمة للإطلاع عليها جزئيا فيتضح لنا من نص المادة 16 ق. ت أنه يحق للمحكمة انتداب خبير لهذا الغرض لاستخراج البيانات المتعلقة بالنزاع دون غيرها وذلك بحضور التاجر وتحت رقابته ولا يجوز للخصم الإطلاع عليها وذلك حفاظا على أسرار التاجر وجاءت المادة 17 ق.ت.ج تعطي للقاضي الحق في توجيه إنابة قضائية للمحكمة التي توجد بها الدفاتر التجارية أو يعين قاضي للاطلاع عليها ويحدد محضر في شأن ذلك ويرجع الحكم الأخير للمحكمة في أخذها بعين الاعتبار البيانات المطلوبة الإطلاع عليها فلها أن تقبلها أو ترفضها.

2ـ الاطلاع الكلي: يكون الاطلاع الكلي بتقديم الدفاتر التجارية إلى المحكمة أو إلى الخصم للاطلاع عليها وعلى جميع محتوياتها، ولما كان الإطلاع الكلي يؤدي إلى كشف أسرار التاجر، فإن المشرع لم يجز ذلك إلا في أحوال معينة، تم النص عليها في المادة 15 ق.ت.ج وهي:

  • قضايا قسمة الشركة

  • قضايا الإفلاس

  • قضايا الميراث

الجزاءات المترتبة على عدم مسك الدفاتر التجارية:

أولا/العقوبات المدنية:

1-إذا لم يقم التاجر بمسك دفاتر تجارية منتظمة فلا يعتد بها في الإثبات لمصلحة التاجر في نزاعه مع تاجر آخر، بل يؤخذ بها على أنها قرائن وعناصر في الإثبات وليس كأدلة كاملة وهذا ما أشارت إليه المادة 14 ق.ت.ج.

2-تفرض إدارة الضرائب على التاجر ضريبة على الأرباح التجارية جزافا في حالة ما إذا كانت الدفاتر التجارية غير موجودة أو غير منتظمة.

3-مسك دفاتر تجارية غير منتظمة،يحرم التاجر من الاستفادة من الصلح الواقي من الإفلاس في حالة التوقف عن دفع ديونه، وهذا لصعوبة تحديد مركزه المالي، كما لا يستفيد من الصلح الواقي لعدم انطباق صفة حسن النية عليه نتيجة إهماله وتقصيره في مسك الدفاتر أو عدم تنظيمه ا(19)[3].

ثانيا/العقوبات الجزائية:

من خلال أحكام المواد 370 و 371 و374 و378 من ق.ت.ج يتبين بأن المشرع الجزائري، حدد صراحة عقوبة الإفلاس بالتقصير أو الإفلاس بالتدليس، لكل تاجر لم يمسك دفاتره التجارية بانتظام أو أخفى بعض الحسابات المتعلقة بنشاطه.